ما هو حكم خروج المذي بشهوة والتفكير؟ وما الفرق بين المذي والمني؟ نظرًا إلى أن هذا الأمر يختلط على العديد من الناس، فيتم طرح التساؤلات حول حكم كلًا من المذي والمني، ومن خلال موقع القمة اليوم نعرض حكم خروجهما، وحكم الشك فيما إذا كان خرج مني أو مذي.

حكم خروج المذي بشهوة والتفكير

جاء بخصوص حكم خروج المذي بشهوة والتفكير ثلاثة فروع، وسنوضحها بالتفصيل فيما يلي:

الفرع الأول: حكم الاستنجاء من المذي

خروج المذي بشهوة التفكير؛ هو الاستنجاء، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، والدليل من السنة النبوية هو ما جاء في الحديث الشريف: ” عَنْ عَلِيِّ بنِ أبِي طَالِبٍ، قالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فأمَرْتُ المِقْدَادَ بنَ الأسْوَدِ أنْ يَسْأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقالَ: فيه الوُضُوءُ.” صحيح البخاري.[1]

اقرأ أيضًا: حكم رد الزوجة على سب زوجها هل يجوز

الفرع الثاني: الواجب من الاستنجاء من المذي

الواجب من الاستنجاء من المذي

كما جاء في حكم خروج المذي بشهوة والتفكير؛ أنه يجب غسل مخرجه والمواضع التي أصابها وهذا تبعًا لقول أهل العلم، والأدلة في هذا الأمر هو الحديث الشريف السابق ذكره، ووجه الدلالة في ذلك أن المراد غسل مخرج المذي وما أصابه منه، وبالقياس على خروج بقية الأحداث مثل خروج الغائط وغيره.[2]

ولا يجب أن يتم غسل إلا موضع خروج الحدث نفسه، وكذلك ما أصاب البدن والثياب منه، وبذلك فإن خروج المذي هو الحدث، وعليه فلا يجب أن يتم غسل إلا ما أصاب البدن منه، وإذا رغبت في الصلاة بعد القيام بهذا ستكون صلاتك صحيحة بإذن الله طالما قد تطهرت مما أُصيبك من مذي وأصاب ثيابك.

الفرع الثالث: حكم الاستجمار من المذي

في إطار توضيح حكم خروج المذي بشهوة والتفكير، اختلف العلماء حول حكم الاستجمار بالحجارة من المذي، وجاء في هذا الأمر قولين، وهما كالتالي:

  • القول الأول من السنة النبوية، حيث ورد حديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال إذا ذهبَ أحدُكمْ إلى الغائطِ فليذهبْ معَهُ بثلاثةِ أحجارٍ يستطيبُ بهنَّ فإنَّها تُجزئُ عنهُ” صحيح أبي داود، ووجه الدلالة في هذا القول إن عموم الرخصة في الاستجمار بالأحجار يشمل المذي كما يشتمل على البول والغائط.
  • القول الثاني بالقياس على إجراء الاستجمار بالأحجار من البول، ففي مذهب المالكية والصحيح عند الشافعية هو أن يتعين الماء ولا يكفي فيه الاستجمار، والدليل من السنة النبوية هو حديث رسول الله -صلى عليه وسلم-: “كنتُ رجُلًا مذَّاءً، فأمرتُ رجلًا أن يسألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمكانِ ابنَتِه، فسأل، فقال: توضَّأْ واغسِلْ ذَكرَك” ووجه الدلالة هنا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر من المذي والأمر هنا يقتضي الوجوب.

الفرق بين المذي والمني

هناك اختلاف بين المذي والمني، حيث إن الخارج بشهوة من الوارد أن يكون مذيَا أو منيًا، ولكل واحد منهما الصفات التي تحدده، وكذلك يوجد فرق بينهما من حيث الطهارة، وسنعرض الأمر بالتفصيل فيما يلي:

1ـ الفرق بين المذي والمني من حيث الصفة

جاء الفرق بين المني والمذي من حيث الصفة كما ذكر الإمام النووي -رحمه الله- صفات المذي والمني على النحو التالي:

  • فيما يخص المني: “فَمَنِيُّ الرجل في حال صحته أبيض ثخين، يَتَدَفَّقُ فِي خُرُوجِهِ دَفْعَةً بَعْدَ دَفْعَةٍ، وَيَخْرُجُ بِشَهْوَةٍ، وَيُتَلَذَّذُ بِخُرُوجِهِ، ثُمَّ إذَا خَرَجَ يَعْقُبُهُ فُتُورٌ، وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ النَّخْلِ قَرِيبَةٌ مِنْ رَائِحَةِ الْعَجِينِ، وَإِذَا يَبِسَ كَانَتْ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْبَيْضِ، هَذِهِ صِفَاتُهُ، وَقَدْ يُفْقَدُ بَعْضُهَا مَعَ أَنَّهُ مَنِيٌّ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ” ويختلف مني الرجل عن مني المرأة حيث استكمل النووي بوصف خصائص مني المرأة قائلا: “وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ: فَهُوَ أَصْفَرُ رَقِيقٌ وَقَدْ يَبْيَضُّ لِفَضْلِ قُوَّتِهَا، وَلَهُ خَاصِّيَّتَانِ يُعْرَفُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: إِحْدَاهُمَا أَنَّ رَائِحَتَهُ كَرَائِحَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ، وَالثَّانِيَةُ التَّلَذُّذُ بِخُرُوجِهِ وَفُتُورُ شَهْوَتِهَا عَقِبَ خُرُوجِهِ”.
  • فيما يخص المذي: “وَأَمَّا الْمَذْيُ فَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ لَزِجٌ يَخْرُجَ عِنْدَ شَهْوَةٍ، لَا بِشَهْوَةٍ وَلَا دَفْقٍ, وَلَا يَعْقُبُهُ فُتُورٌ, وَرُبَّمَا لَا يَحُسُّ بِخُرُوجِهِ, وَيَشْتَرِك الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِ, قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَإِذَا هَاجَتْ الْمَرْأَةُ خَرَجَ مِنْهَا الْمَذْيُ, قَالَ: وَهُوَ أُغْلَبُ فِيهِنَّ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ“، وقد اشترك في خصائص المذي الرجل والمرأة.

2ـ الفرق بين المذي والمني من حيث الطهارة

اختلفت الآراء حول الطهارة في المذي والمني، وجاء مذهب الشافعية والحنابلة أن المني نجس واستدل الحنفية على نجاسته بقول السيدة عائشة -رضي الله عنها- في المني: “قالَتْ: كُنْتُ أفْرُكُهُ مِن ثَوْبِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ” صحيح مسلم، واستند على هذا الشافعية والحنابلة بأن المني لو لم يكن من الطاهرات لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة والمني على ثوبه.

كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال في المني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنما هو بمنزلةِ المخاطِ والبُزاقِ” إسناده صحيح، ودل هذا الحديث على أنه تم قياس المني على أشياء طاهرة وهي المخاط والبزاق، وتم الأمر بإزالته لأنه مستقذر في الطبع لا يدل على النجاسة.

لدى الشافعية قول بأن المني نجس من المرأة وليس الرجل وذلك بناءً على رطوبة فرجها، ولدى الحنابلة قول مشابه لهذا.

3ـ الفرق بين المذي والمني في إبطال الصيام

خروج المذي لا يُبطل الصيام وذلك في أصح أقوال العلماء، أما خروج المني عن شهوة فهو إبطال للصوم سواء كانت الشهوة بسبب فعل مُباشر أو قبلة أو تكرار النظر أو ما شابه ذلك من الأسباب التي تثير الشهوة كالاستمناء وغيره.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الدعاء على الزوج الظالم بالموت

حكم جهل المذي من المني

في حالة جهل ما تم خروجه وهل هو مني أو مذي، فلو شئت يُمكن احتسابه مني، ويتم الاغتسال من تلك الجنابة، مع إعادة الصلوات التي تم أداؤها من فرائص بعد ما رأيته من أثر قبل الغسل من الجنابة، ولو شئت يُمكنك احتسابه مذي وبهذا تكون صلاتك صحيحة إذا كنت قد غسلت مكان النجاسة من البدن والثياب، وتوضأت وقمت بالصلاة بثوب طاهر، وهذا تبعًا لمذهب الشافعية، وقال النووي بشأن هذا في الجموع:

إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْمَنِيَّ وَالْمَذْيَ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، ثم ذكر المشهور عند الشافعية، فقال: وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِ حُكْمِ الْمَنِيِّ أَوْ الْمَذْيِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْمُصَنِّفِينَ، وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ فُضَلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ، وَلَا مُعَارِضَ لِهَذَا الْأَصْلِ“.

معرفة الفرق بين المذي والمني من الأمور التي تهم كل مسلم، حيث يترتب على خروجهما العديد من الأمور المتعلقة بالعبادة كالصوم والصلاة، لذا كان من الضروري التعرف إلى الفرق بين كليهما من حيث الصفة والطهارة إلى جانب الحكم الواقع عليهما.