هل يجوز الاستمتاع بالزوجة أثناء الحيض؟ وما هي حدود هذا الاستمتاع؟ فأحكام الشريعة الإسلامية تطرقت إلى جميع أمور الحياة، وعليه قد نجد منها الواجب، أو المباح، وغيره قد يكون مُحرمًا لدرجة أن فعله يعد تعديًا على حدود الله، ومن خلال موقع القمة سنُبين إلى أي الفئات تنتمي العلاقة الزوجية أثناء الحيض.

هل يجوز الاستمتاع بالزوجة أثناء الحيض

هل يجوز الاستمتاع بالزوجة أثناء الحيض

إن الله سبحانه وتعالى قد شرّع وأباح لكلا الزوجين الكثير من الأفعال التي تجعل كلاهما يشعر بالمتعة على جميع الأصعدة، وذلك لأن الزواج في أصله يسمو إلى خلق العِفة في أنفس الطرفين.[1]

فإن تلك العلاقة موضوعة داخل أُطر وحدود لا يجب أن يتعداها أحد امتثالًا لأوامر الله، ففي هذا الإطار نخص بالذكر جواز الاستمتاع بالزوجة أثناء الحيض، والذي كما ورد في القرآن والسنة، وفسّره الفقهاء تكون الإجابة حسب نوع هذا الاستمتاع.

حيث إن للزوج على زوجته بعض من الأمور المُباحة والأخرى المُحرمة، وذلك طبقًا لتفاسير فقهاء المذاهب الأربعة، وذلك على النحو التالي:

  • الجماع مُحرّم أثناء الدورة الشهرية عند الجمهور وأهل العلم بأسرهم.
  • الاستمتاع فيما فوق السُرّة وتحت الركبة، يجوز عند الجمهور.
  • المباشرة فيما بين السّرة والركبة -ما عدا الفرج- يختلف فيه أهل العلم.

حيث ينقسم ذلك الخلاف بين المذاهب الأربعة بأن المالكية، والشافعية والحنفية ذهبوا إلى تحريمه، بينما الحنابلة تعتبره جائزًا بشرط أن يأمن الزوج من عدم حدوث جماع بالفعل، وإلا فلا يجوز لهما ذلك.

في هذا الصدد يعد رأي الحنابلة هو المعمول به، وذلك استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف التالي:

“عن أنس بن مالك قال: أنَّ اليَهُودَ كَانُوا إذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ فيهم لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، ولَمْ يُجَامِعُوهُنَّ في البُيُوتِ فَسَأَلَ أصْحَابُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ،

فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هو أذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في المَحِيضِ} [البقرة: 222] إلى آخِرِ الآيَةِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اصْنَعُوا كُلَّ شيءٍ إلَّا النِّكَاحَ…” [رواه مسلم].

حيث يعد ذلك الحديث الفاصل في حدود التعامل مع الزوجة في فترة الحيض، والتي أباح الله فعل أي شيء سوى الجماع، كما يتبين لنا منه مدى تكريم الإسلام للمرأة بأنه لم يتعامل معها بمثل معاملة اليهود لنسائهم في فترات حيضهن.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصلاة قبل الأذان بخمس دقائق

حدود العلاقة بين الزوجين أثناء الحيض

بعدما عرضنا آراء المذاهب الأربعة عن سؤال هل يجوز الاستمتاع بالزوجة أثناء الحيض، فإنه لا بد من تسليط الضوء على المواضع القرآنية التي ذكر الله فيها ذلك الأمر وتم الاستناد عليها من قِبل الأحاديث النبوية والآراء الفقهية، وذلك يتبين من الآية التالية:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

يعد محتوى تلك الآية من أهم الأمور التي تطرق إليها القرآن الكريم، لما فيه من حفظ مكانة المرأة ومُراعاة لحالتها الجسدية والنفسية على حد السواء، إذ ابتدأت الآية بإطلاق وصف أذىً على المحيض وليس المرأة نفسها.

وذلك بعينه ما كانت تتعرض له المرأة اليهودية التي كان يتم اعتزالها في المأكل والمشرب فضلًا عن الفراش، فجاء الإسلام يحمي المرأة من تلك الانتهاكات التي تزيدها ألمًا فوق ألمها في تلك الفترة، وبيّن أن الاعتزال الوحيد عنها هو “الجماع”.

حيث إن الدليل على ذلك ما تنتقل إليه الآية الكريمة التي اشترطت الإتيان بطهارة المرأة من الحيض، وذلك بالطريقة التي أمر بها الله ألا وهي الإتيان من القُبل، وليس من الدُبر وهذا ما تؤكده الآية الكريمة التالية:

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 223].

فقد فسّر الفقهاء بأن محل الحرث هو الفرج “القُبُل”، وما دون ذلك يعد حرامًا، وتعديًا لحدود الله عز وجل.

اقرأ أيضًا: حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو مفطر

حكمة تحريم الجماع أثناء الحيض

بعد طرح سؤال هل يجوز الاستمتاع بالزوجة أثناء الحيض، يتبعه سؤالًا أخر قد يجول في خواطر الكثيرين فلا يبدون به، ألا وهو لماذا منع الله عز وجل الجماع بين الزوجين في فترة الحيض، على الرغم من كونه مُباح في غيره من الأوقات.

بل إن الأمر يصل بالمرأة في حال صيامها لنافلة وطلبها زوجها، كان فرضًا عليها حينها أن تقطع الصيام طاعةً لزوجها التي في تلك الحالة يكون أولى، وفي هذا الصدد وجب توضيح عِدة نقاط أساسية:

  • أوامر الله الواضحة في القرآن الكريم، والثابتة عن الرسول الكريم، يتم الامتثال لها من باب سمعنا وأطعنا.
  • إن الله لم يأمر بشيءٍ أو ينهى عن غيره، إلا كان من وراء ذلك جلبًا لخيرٍ أو دفعًا لأذىٍ، حتى لو لم يفهمه أو يعيه المرء.
  • الحكمة الأولى الجليّة من وراء منع الجماع أثناء الحيض، هو عدم تحميل المرأة ما لا تطيق، إذ تكون في أشدّ وأصعب الأوقات وكمّ الألم التي تشعر به، يحول بينها وبين فعل الكثير من الأمور البسيطة، فمال البال بأن يجامعها زوجها.
  • نفسية المرأة في ذلك الوقت تُسجل أعلى انخفاضٍ لها، لذلك وجب التخفيف عنها، لا إلزامها بفعل أمرٍ يتوجب عليها فيه أن تكون في حالٍ سعيد وهادئ.
  • ثبت علميًا أن الجماع أثناء الحيض يؤدي إلى زيادة النزيف، والذي قد يصل إلى تهتك جدار المهبل، وإلحاق الأذى بالرحم بسبب إدخال كمية كبيرة من الميكروبات التي تؤدي إلى التهابه.
  • قد يؤدي الجماع أثناء الحيض إلى إصابة المرأة بالعُقم وغيره من الأمراض التناسلية.

تعد الحدود الشرعية للاستمتاع بين الزوجين أثناء فترة الحيض من الأمور التي تجعل المرء يزداد إيمانًا، وذلك لما فيها من ضوابط تُعد بمثابة حماية كلا الطرفين من أمور لا يُحمد عقباها.