ما هو حكم خدمة الزوجة لزوجها في المذاهب الأربعة؟ وما حكم خدمة المرأة لأهل زوجها؟ هذه الأسئلة تثار كثيرًا وخاصةً من قبل المسلمين في المجتمع العربي، وذلك لانتشار عادات كثيرة تقضي بضرورة ووجوب خدمة المرأة لأهل الزوج.

بينما تنشب خلافات أخرى حول وجوب خدمة المرأة للزوج، لذا سنحسم هذا الجدل بكل دقة ووضوح من خلال هذا الموضوع عبر موقع القمة.

حكم خدمة الزوجة لزوجها في المذاهب الأربعة

إن خدمة المرأة لزوجها من الأمور الفقهية التي أثير حولها الكثير من الجدل من قبل أهل العلم منذ زمن طويل، أما عن حكم خدمة الزوجة لزوجها في المذاهب الأربعة فهو واجب ولا مجال للجدال فيه، والدليل على ذلك ما ورد في هذا الحديث:

“عن عمرو بن ميمون قال سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بنَ يَسَارٍ في الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ، قالَ: قالَتْ عَائِشَةُ: كُنْتُ أغْسِلُهُ مِن ثَوْبِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إلى الصَّلَاةِ، وأَثَرُ الغَسْلِ فيه بُقَعُ المَاءِ” [رواه البخاري].

أما بالنسبة لآراء وأحكام الأئمة الأربعة في هذه القضية فنتطرق إلى عرضهم بشيءٍ من التفصيل وذلك ما يلي:

1- رأي المالكية والحنفية

يرى أصحاب مذهبيّ المالكية والحنفية أن الحقوق المادية الواجبة على الزوجة لزوجها هي الخدمة، حيث إن الله قد خلق المرأة بجعل فطرتها ميالة أكثر إلى تدبير شؤون المنزل.

هذا لما أودعه الله في نفسها من خصائص تصلح لقيامها بتدبير شؤون منزلها ورعاية أسرتها، وقيام المرأة بخدمة زوجها ومنزلها ما هو إلا سبيل لحماية مشاعر المودة والسكينة التي حرص الإسلام على بقائها في بيت كل مسلم ومسلمة.

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة البقرة: 228].

اقرأ أيضًا: هل يجوز الصيام للمستمني وما حكمه في الشريعة الإسلامية

2- رأي الشافعية والحنابلة

يرى الشافعية والحنابلة أن خدمة المرأة للزوج لا تصنف ضمن الواجبات الشرعية إلا أنه من الأفضل أن تتولى الزوجة هذه المسؤولية وتتبع ما جرت عليه العادة، ولقد استند أصحاب هذا الرأي إلى أن عقد النكاح الشرعي بين الرجل والمرأة يقضي بالاستمتاع بها وليس استخدامها ببذل الخدمة.

أشاروا أيضًا إلى أن الأحاديث النبوية التي استدل بها الآخرون ممن يخالفونهم، جميعها تدل على مشروعية أن تتطوع المرأة بخدمة الزوج وفعلها لذلك هو كرمٌ منها.

خدمة المرأة لزوجها في الإسلام

إن خدمة الزوج واجبة على المرأة تجاه زوجها فقط حيث إن زوجات النبي كانوا يخدمنه، وكذلك بناته رضي الله عنهن كانوا يقومون بخدمة أزواجهن ومراعاة بيوتهن، ويتوجب على كل امرأة أن تقوم بكل حاجات البيت من طبخ وتنظيف وطحن وهذا ضرب من ضروب المعاشرة بالمعروف.

إلا في حال كانت المرأة من بيئة أو مجتمع لا يطبق ذلك لأنه حينها يكون عرفًا، وذلك استنادًا لقول الله تعالى

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [سورة النساء: رقم 19].

هذا يعني أنه إذا كانت المرأة من بيئة لا تخدم فيها المرأة زوجها فيتوجب على الرجل أن يأتي لها بمن يقوم بالخدمة، أما في الأساس وطبقًا للشرع فعلى المرأة أن تقوم على خدمة زوجها والعناية به ورعاية المنزل وهذا كان سائدًا في حياة النبي وحتى من بعده.

“عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عن وِتْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ له سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ ما شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ…” [رواه المسلم].

اقرأ أيضًا: ما حكم دخول رمضان وعليه قضاء

ما حكم خدمة الزوجة لأهل الزوج

في الحقيقة لم يرد في الشريعة الإسلامية ما دل على إلزام المرأة بخدمة أهل زوجها أو حتى والدته، ولا يحدث ذلك إلا في إطار المعروف والمقدرة والطاقة وحسن العشرة للزوج والبر به، وجدير بالذكر أن خدمة أهل الزوج ووالدته وإخوته ليست من شروط عقد النكاح ولا مجال للخلاف في ذلك من قبل الزوجين.

لكن يجوز للمرأة أن تتبرع بذلك محتسبة الأجر والثواب عند الله، ويتوجب على كل زوج أن يتوقف عند هذا الحكم في الشرع وألا يطلب من زوجته أن تقوم بما لم يلزمها به الشرع، ومما يجب الإشارة إليه هو أنه لا طاعة للزوج عند زوجته إذا أمرها بشيء لم يجزه الشرع.

بمعرفة حكم خدمة الزوجة لزوجها في المذاهب الأربعة يمكننا التأكد من أن الشريعة الإسلامية هي الوحيدة من كل شرائع الأديان الأخرى التي أنصفت المرأة وكرمتها ورفعت من شأنها.